About الإنسان عدو نفسه



عباد الله، إنَّ مِن الأعداء التي تَعترض العبد في طريقه إلى الله في هذه الدنيا: النفْس التي بين جنبَيه وداخل كيانه، فكثيرا ما تكونُ عدوًا لدودًا؛ لأنها تأمُر بالسوء؛ وتسمَّى على ذلك بالنفسِ الأمارةِ بالسوء، فهي تَميل للشهوات، وتَكره القُيود، وتحبُّ الانفلاتَ والتحرُّرَ مِن كل ما تُمنَع منه، وتَضيق ذَرعًا إذا أُلزمتْ بأمر مِن الأمور.

وسيعلم الكفار -إذا قدموا على ربهم- لمن تكون العاقبة المحمودة بعد هذه الدنيا؟ إنها لأتباع الرسل. وفي هذا تهديد ووعيد للكافرين.

بسبب جناية القتل هذه شَرَعْنا لبني اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير سبب من قصاص، أو فساد في الأرض بأي نوع من أنواع الفساد، الموجب للقتل كالشرك والمحاربة فكأنما قتل الناس جميعًا فيما استوجب من عظيم العقوبة من الله، وأنه من امتنع عن قَتْل نفس حرَّمها الله فكأنما أحيا الناس جميعًا؛ فالحفاظ على حرمة إنسان واحد حفاظ على حرمات الناس كلهم.

ليس الأمر كما تقولون من أنكم في عبادتكم غير الله مُحِقون، بل تكذِّبون بيوم الحساب والجزاء.

أيظنُّ هذا الإنسان الكافر أن لن نقدر على جَمْع عظامه بعد تفرقها؟ بلى سنجمعها، قادرين على أن نجعل أصابعه أو أنامله -بعد جمعها وتأليفها- خَلْقًا سويًّا، كما كانت قبل الموت.

تفسير: (ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا)(مقالة - آفاق الشريعة)

والذين آمنوا بالله وعملوا الأعمال الصالحة في حدود طاقاتهم -لا يكلف الله نفسًا من الأعمال إلا ما تطيق- أولئك أهل الجنة، هم فيها ماكثون أبدًا لا يخرجون منها.

ولن يؤخر الله نفسًا إذا جاء وقت موتها، وانقضى عمرها، والله سبحانه خبير بالذي تعملونه من خير وشر، وسيجازيكم على ذلك.

اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

جديد إيهاب توفيق أغنية «الأستاذ» الغناء في الوقت الضائع

إلى أن قال: وأما النفْسُ الأمارةُ فجعل الشيطانَ قرينَها وصاحبَها الذي يليَها، فهو يَعِدُها ويمنِّيها، ويَقذف فيها الباطل، ويَأمُرُها بالسوء، ويُزيِّنُه لها، ويُطيل في الأمل، ويُريها الباطلَ في صورةٍ تَقبَلُها وتَستحسِنُها، ويمدُّها بأنواع الإمداد الباطل؛ مِن الأمانيِّ الكاذِبة، والشهوات المُهلِكة، ويَستعين عليها بهَواها وإرادتها.

وقال - رحمه الله -: (وقد امتحَن الله - سبحانه - الإنسان بهاتَين النَّفسَين الأمارة واللوَّامة، كما أكرَمه بالمُطمئنَّة، فهي نفْس واحدة، تكون أمَّارةً ثمَّ لوامةً ثم مُطمئنَّة، وهي غاية كَمالها وصلاحها، وأيَّد المُطمئنَّة بجُنود عديدة، فجعل المَلَك قرينَها وصاحبها الذي يَليها ويُسدِّدها، ويقذف فيها الحقَّ ويُرغِّبها فيه، ويُريها حسن صورته، ويَزجُرها عن الباطل، ويُزهِّدها فيه.

وختامًا: أقول: إن العبد في هذه الحياة لا يَدري مدَّة إقامته فيها؛ لذا ينبغي عليه أن يُبادِر بالأعمال الصالحة قبل فوات الإنسان عدو نفسه الأوان؛ يقول نبيُّنا - صلوات الله وسلامه عليه -: ((اغتنم خمسًا قبل خمسٍ؛ شبابك قبل هَرَمك، وصحَّتك قبل سقمك، وغِناك قبل فقرك، وفراغَك قبل شُغلك، وحياتك قبل موتك))، وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يقول: ((إِذا أمسيتَ فلا تَنتظرِ الصَّباح، وإِذا أصبحتَ فلا تنتظرِ المساء، وخذْ مِن صحَّتك لمرضك، ومِن حياتك لمَوتِك)).

يُرجى التفضل بمراعاة حقوق الملكية الفكرية وحماية هذه الملكية

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *